Admin Admin
عدد المساهمات : 120 تاريخ التسجيل : 19/12/2011 الموقع : مــ,,,,,,,,,,,,,صــ,,,,,,,,,,,,ـر ((((ام الدنيا))))
| موضوع: مارية القبطية زوجة الرسول (ص) الخميس يناير 19, 2012 11:42 am | |
| لم تطل سعادة ماريا سوى عامين ثم مات ولدها إبراهيم
فمن هي ماريا القبطية، وكيف أسلمت، وفي أي عام من الهجرة أنجبت إبراهيم؟
هي ماريا بنت شمعون، أهداها المقوقس القبطي صاحب الإسكندرية ومصر إلى النبي محمد، أسلمت على يدي حاطب بن أبي بلتعة، وهو رسولُ رسولِ الله إلى المقوقس.
ما قصة ماريا؟ بعد أن تم للنبي عليه الصلاة والسلام معاهدة الحديبية، وما أعده من دعائم، لاستتباب الدولة الإسلامية الفتية، وتقوية هيبتها في النفوس، كان صلى الله عليه وسلم في الوقت نفسه يتحسس الموقف الدولي، ويتفهم أوضاعه، ويوجّه الرسل والسفراء لتبليغ الإسلام إلى ملوك الأرض؛ لأن رسالة الإسلام عامة لكل البشر، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [سورة الأنبياء الآية: 107].
من أولئك الملوك الذين أرسل إليهم النبي عليه الصلاة والسلام رسالة، يحثه فيها على الإسلام، المقوقس عظيم مصر، جاء في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه يدعوه فيه إلى الإسلام، هذا المقوقس كان من الأقباط، جاء به حاطب حتى دخل مصراً فلم يجده هناك، فذهب إلى الإسكندرية، فأخبر أنه في مجلس مشرف على البحر، ركب حاطب سفينة، وحاذى مجلسه، وأشار بالكتاب إليه، فلما رآه المقوقس أمر بإحضاره بين يديه، فلما جيء به، نظر في الكتاب، وفضه، وقرأه، ثم دار الحوار التالي:
قال لحاطب: يا حاطب، ما منع نبيك إن كان نبياً أن يدعو على من خالفه؟
قال له حاطب: ألست تشهد أن عيسى بن مريم رسول الله، فما له حيث أخذه قومه، فأرادوا أن يقتلوه، ألا يكون قد دعا عليهم أن يهلكهم الله عز وجل حتى رفعه الله إليه؟
قال: أحسنت، أنت حكيم من عند حكيم.
واستمر الحوار بينهما حتى أن المقوقس مدح النبي، غير أنه رأى عدم الدخول في الإسلام خوفا على ملكه، وأرسل للنبي كتابا وجاريتين على سبيل الهدية.
أما الكتاب فقد قال فيه المقوقس: "بسم الله الرحمن الرحيم، لمحمد بن عبد الله من مقوقس عظيم القبط، سلام عليك، أما بعد: فقد قرأت كتابك، وفهمت ما فيه، وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبيّاً قد بقي، وكنت أظن أنه يخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم، وبثياب، وأهديت لك بغلة كي تركبها، والسلام عليك".
فلما قدم حاطب المدينة، وعرض الهدايا على النبي صلى الله عليه وسلم قبلها، ونقل إليه كلام المقوقس، وناوله الكتاب، فقال صلى الله عليه وسلم: "ضنَّ بملكه، ولا بقاء لملكه". واختار النبي عليه الصلاة والسلام ماريا فاكتفى بها، ووهب أختها لشاعره حسان بن ثابت.
كيف استقبلت ماريا القبطية حياتها الجديدة حينما حلت مولاة للنبي، وما هي الأمنية التي كانت في خواطرها؟ طار النبأ إلى بيوت النبي أنه اختارها لنفسه، وكانت شابة، وقد أنزلها في منزل الحارث قرب المسجد، وقد حاولت عائشة وضرائرها التعرف على هذه الجارية عن بعد، فعلمت عائشة باهتمام النبي بها، ولكنها لا تقدر على معارضة النبي، أو الإنكار عليه، لكنها راحت ترقب من بعيد مظاهر اهتمام النبي بهذه الجارية المصرية.
استقبلت ماريا حياتها الجديدة بنفسٍ مُشرقة مبتهجة، حيث حلّت مولاة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، مولاته ملك يمينه، وليست زوجته، وإنه لشرف عظيم، وزادها غبطة وسروراً: أن ضرب عليها الحجاب كشأن أمهات المؤمنين، وانصرفت بكليتها للاهتمام بالنبي صلى الله عليه وسلم التي تراه صنو المسيح، التي كانت تدين بدينه قبل إسلامها، فأي كرامة قد حظيت بها، حين قدمها قدر الله من بلاد القبط، لتكون أقرب المقربات، بقرابة الولاء للنبي عليه الصلاة والسلام.
كانت هذه المولاة مشغوفة برسول الله، كما كانت هاجر مولاة إبراهيم مشغوفة بإبراهيم، وكانت ماريا أم ولد النبي عليه الصلاة والسلام، فقد آتاه الله منها ولداً اسمه إبراهيم تيمناً بأبيه إبراهيم، ألم يقل النبي عليه الصلاة والسلام: "أنا دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبُشْرَى عِيسَى، وَرَأَتْ أُمِّي أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ مِنْهَا قُصُورُ الشَّامِ".
وقد علمت ماريا الشيء الكثير عن هاجر التي سبقتها بقرون إلى بلاد الحجاز، بلاد الله الآمنة المباركة الطيبة، فتاقت نفسها لزيارة تلك الأماكن المقدسة، لتحيي في نفسها معالم الوفاء والإخلاص، وألفت أن تخلو بنفسها، لتجمع صور الماضي بواقع الحاضر، وكيف أن هاجر عند نبي الله إبراهيم، وماريا عند نبي الله محمد، وكانت رضي الله عنها تواقة لتكون أم ولد، حتى يكون لها شرف الذرية من محمد، كما كان لهاجر شرف الذرية من إبراهيم عليه السلام.
تمضي الأيام طاوية ذكريات الأمل المتجدد في نفس ماريا، حتى أذن لها الله بالحمل من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحملت بإبراهيم، وقد حقق الله لها أمنيتها، فولدت ابن رسول الله الذي سماه باسم أبيه الكبير إبراهيم عليه السلام، نالت بذلك بغيتها، وتحققت رغبتها ، وكانت لها بذلك الحظوة الكبيرة عند النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أصبحت أم ولده الذي أعتقها من الرق، وسمَت منزلتها، لتكون في مصافّ أمهات المؤمنين، فيا لها من مكانة عالية.
ما الخطب الجلل الذي أصاب فؤاد أم إبراهيم؟ سعدت هذه الزوجة الطاهرة أن تهب لنبي الله عليه السلام الولد من بعد خديجة التي لم يبق من أولادها إلا فاطمة رضي الله عنها، فقد تزوج النبي عليه الصلاة والسلام قبل ماريا بالكثير، غير أنهن لم ينجبن الأولاد. تقول أم المؤمنين عائشة: "ما غرت على امرأة إلا دون ما غرت على ماريا؛ ذلك أنها كانت أسيرة عند رسول الله، وأنزلها أول ما قدم بها بيتا للحارث بن النعمان، فكانت جارتنا، فكان عامة الليل والنهار عندها، فجزعت، وكان عليه الصلاة والسلام يؤثرها ويحبها". وفي رواية: "ثم رزقه الله منها الولد، وحرمنا منه".
ولكن ماريا لم تطُلْ سعادتها سوى عامين، بل أقلّ، حيث قدر الله تعالى ألاّ يكون رسوله صلى الله عليه وسلم أبا أحد من رجالكم، فكانت الفاجعة الأليمة أن توفّى الله ولدها الوحيد إبراهيم، فقضى إبراهيم نحبه، وبقيت أمه من بعده ثكلى أبد الحياة.
بلغ إبراهيم قرابة العامين من عمره فمرض، فطار فؤاد أمه عليه، فأرسلت إلى سيرين خالة إبراهيم، لتقوم على تمريضه، وطلب الدواء له، وتمضي الأيام، والطفل لم تظهر عليه بوادر الشفاء، فخافت عليه أكثر فأكثر، حتى إذا اشتد عليه المرض، أرسلت إلى أبيه النبي، فجاء ليرى ولده، قال أنس: لقد رأيته، وهو يجود بنفسه، بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدمعت عينا النبي، فقال: "إِنَّ الْعَيْنَ لتَدْمَعُ، وَالْقَلْبَ ليَحْزَنُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يرضي رَبُّنَا، وَإِنَّا على فِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ".
ما هي الظاهرة الكونية التي حصلت حينما شاع خبر وفاة إبراهيم، وماذا قال الناس عنها؟ لما شاع خبر وفاة إبراهيم حصل كسوف للشمس، فقال الناس: كسفت الشمس لموت إبراهيم، فجمع أصحابه عليه الصلاة والسلام، وقال: "إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِه،ِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ فَصَلُّوا وَادْعُوا اللَّهَ".
وبقيت ماريا صابرة راضية بقضاء الله وقدره، حتى نزل بها الخطب الجلل، ألا وهو وفاة النبي عليه الصلاة والسلام، فأنساها ذلك حزنها على ابنها إبراهيم، وبقيت على العهد التي كانت عليه في حياته، حتى جاءها أجلها في عهد عمر سنة ستة عشر للهجرة رضي الله عنها وأرضاها.
ما هي الوصية التي أوصى النبي بها قومه بشأن مصر؟ وقد حفظ الصحابة لماريا مقامها كما حفظوا وصية رسول الله في قومها، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ مِصْرَ، وَهِيَ أَرْضٌ يُسَمَّى فِيهَا الْقِيرَاطُ، فَإِذَا فَتَحْتُمُوهَا، فَأَحْسِنُوا إِلَى أَهْلِهَا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا، أَوْ قَالَ: ذِمَّةً وَصِهْرًا". [أخرجه مسلم في الصحيح]
وجاء في معجم البلدان لياقوت الحموي أن الحسن بن علي رضي الله عنه كلمه معاوية بن أبي سفيان لأهل حفن، وهي قرية من قرى مصر، في هذه القرية ولدت ماريا، لما جاء عبادة بن الصامت إلى مصر وفتحها، أعفى هذه القرية من كل خراج عليها، إكراماً لزوجة نبيهم عليه الصلاة والسلام.
| |
|